drawas

454x140

اللواء قحطان ومقتل الخيواني

abdulkalikكما جرت العادة بعد كل جريمة اغتيال يتقاذف البعض التهم رجماً بالغيب، وكل ذلك ناجم عن عمق الخلاف السياسي بين تلك الأطراف غير أن تلك التهم تكاد تكون محصورة بين الطبقات الدنيا من تلك المكونات بينما القادة يمارسون الصمت الحذر إلى أجل.

بعيداً عن إلقاء التهم عن قاتل الأخ عبدالكريم الخيواني، غير أن الحقيقة يجب قولها أن المسؤول الأول عن هذه الجريمة هو الحاكم المتحكم للدولة والقابض بقوة على أهم مفاصلها العسكرية (البرية، البحرية، الجوية، الاستخبارية) والأمنية (الخاصة، السياسي، القومي) ولديه من العيون الساهرة من مُسلحيه في كل حي وشارع، ونقاطه ومتارسه فوق كل رصيف وجولة.. نعم الجماعة الحوثية يجب عليها ألا تهرب أو تتهرب أو تخلي مسؤوليتها عن مقتل الخيواني فمهمة الأمن وحماية المواطنين هي مسؤوليتها ولا أحد سواها، وقد أكد على ذلك البخيتي أحد رموز الجماعة في تصريح سابق لقناة الجزيرة إلا أن كان يقصد شعباً آخر غير اليمنيين فهذا شأنه وعليه التوضيح حتى يتمكن كل يمني من الاستعداد لحماية نفسه.

مقتل الخيواني لم يكن حدثاً عرضياً وإنما حدثاً مقصوداً فقد اختار القاتل الضحية بعناية فائقة.. المكان أمام منزله وهذا يعني أن القاتل مُستمرئٌ للقتل مخيفٌ فوق المتوقع ومجرمٌ على غير العادة ولن يمنعه أو يحجزه أي مانع ديني أو إنساني أو حتى صراخ أطفال أو زوجة القتيل لو كانوا معه.. الزمان 18/ مارس وهو اليوم المشهود لمجزرة جمعة الكرامة وكأن القاتل أراد أن يصور أن حادثة القتل هي انتقاماً لأولئك الشهداء أو أنه أراد الإيحاء أن التحدي ما زال قائماً وأن يده طائلة كل خصم وغريم.. وقت الظهيرة وهو الوقت التي تنشط فيه الحركة العامة وبنشاطها أراد القاتل أن يثبت أن هذا عملاً لا بد أن يشهده أغلب الناس على مختلف أنشطتهم (العمال، الموظفون، الطلاب، العسكريون، المدنيون، ... ) ليخلق حالة من الفزع والرعب وليوجد ويصور أن هذا هو الحال العام الذي سيكون عليه قادم الأيام.. الشخصية حوثية مشهورة مرموقة جمعت بين العمل السياسي والإعلامي ومعروفة داخلياً وخارجياً ويدرك القاتل أن القتيل خصومه متعددون بناء على مواقف له مسبقة قبل الثورة الشبابية وبعدها.. هكذا استطاع القاتل أن يترصد ويختار ضحيته بدقة لزيادة تعقيد العملية السياسية القائمة ورفع وتيرة الاحتقان والنقمة بين الجميع..

يقيناً وبعيداً عن العواطف فلو أن مقتل الخيواني حدث إبان حكومة باسندوة واللواء قحطان وزيراً للداخلية أو الترب فوالله لن يستطيع أحد أن يسكت آلافاً من الأفواه البشرية (العامة والخاصة والحزبية والإعلامية والسياسية ومن تدعي الثقافة و...) من كيل اتهامها لتلك الشخصيات وأنهم المسؤولون عن حماية المواطنين واستتباب الأمن ويجب محاكمتهم وإنزال أقسى وأقصى العقوبات بهم، غير أن تلك الأبواق اليوم في حالة من الخزي والعار والمهانة والنفاق ولا تحسد عليها..

ختاماً لقد أفضى الخيواني إلى ما قدّم وربّه أعلم به وهو مسلم معصوم الدم ولا يحل لأحد سفك دم امرئ مسلم، فرحمه الله، والأهم بعد مقتله هو ذلك الحزن الذي اعتصم غصباً وجبراً أمام مستقبل وفي قلوب أبنائه وزوجته وحاصر سعادتهم وضيق عليهم معيشتهم وكَلَمَهم فالله أرجوه أن ينزل عليهم من الصبر أضعاف ما أنزل عليهم من البلاء.

كاريكاتير