في ظل تنامى الدور البريطاني في اليمن في الآونة الأخيرة وبشكل مضطرد، يعود التحالف السعودي والإماراتي للتشبث بـ"الشرعية" تلك التي كان هجرها مؤخراً، كما يلوذ التحالف بروسيا العدو الأبرز للمملكة المتحدة، في سيناريو يرسم ملامح للصراع قد يندلع في أية لحظة ومسرحها هذه المرة جنوب اليمن، تلك المنطقة التي أراد لها التحالف قبل غيره أن لا تنعم بالأمن والاستقرار لا لهدف سوى لغرض في نفس التحالف ذاته.
قال السفير البريطاني لدى اليمن، مايكل بارون، اليوم، بأن خطة بلاده لحل القضية الجنوبية جاهزة و تعتمد على حكم ذاتي، في إشارة منه إلى تحقيق الانفصال، وقبل هذا كانت بريطانيا نجحت في جمع الأطراف اليمنية على طاولة مفاوضات السويد وتمكنت من إبرام اتفاق في الحديدة تسلمت بموجبه الإشراف على المدينة الساحلية ومينائها الاستراتيجي لتقطع بذلك الطريق على التحالف الذي كان يخطط للسيطرة على آخر نقطة في سواحل اليمن، أضف إلى ذلك استمرار بريطانيا في محاولات صياغة مشروع أممي جديد بديل للقرار 2216 الذي يتشبث التحالف به، واعتبرته بريطانيا معرقلاً للحل السياسي في بلد تمزقه الحرب منذ 4 سنوات.
لم يقتصر دور بريطانيا، الطامعة حالياً للتوسع خارج حدود منطقة اليورو بعد قرار البريكست واستعادة أمجادها القديمة في جنوب اليمن، على التحركات السابقة مع أنها نجحت فعلياً في تقسيم اليمن من خلال طاولة المفاوضات التي استبعدت منها القضية الجنوبية وحصرت المفاوضات حول ميناء الحديدة ومطار صنعاء وتخطط لجعل المفاوضات المرتقبة حول الحل السياسي والأمني يتمحور حول الشمال اليمني بسلطة انتقالية في صنعاء وغيرها من المحافظات، أضف إلى ذلك تحركات المبعوث الأممي البريطاني غريفيث على مستوى الجنوب بعيداً عن الملف اليمني وهو الذي بدأ جولته كمبعوث اممي بالتحضير للقاء في لندن بين نخب سياسية وبالمناصفة بين الشمال والجنوب أعقبها بتحذير مجلس الأمن من أن جنوب اليمن قاب قوسين من الانفجار وأن ذلك الانفجار سيكون مؤلما في حال لم يتم حل القضية الجنوبية بعيداً عن الأزمة في اليمن، وذلك في سياق تعليقه على ناشطة جنوبية جلبها إلى المجلس للحديث عما عاناه الجنوب من تهميش وإقصاء.
تغريدة السفير البريطاني جاءت في وقت نجحت فيه سلطنة عمان، تلك التي احتضنت مؤخراً أكبر مناورات مشتركة مع بريطانيا على حدود اليمن الجنوبية الشرقية، في جمع الفرقاء الجنوبيين بعد جهود مضنية وتكللت تلك الجهود بإعادة حسن باعوم، القيادي في الحراك الجنوبي المناوئ للتحالف إلى الواجهة وسط أنباء تتحدث عن احتمال عودته من المنفى إلى عدن خلال الأيام المقبلة.. وهذه العودة قد تخلط أوراق التحالف لا سيما وأن أنصار باعوم دشنوا قبل أيام مرحلة التصعيد ضد التواجد الإماراتي السعودي في عدن وحضرموت بتظاهرات هتف المشاركين فيها برحيل "الاحتلال"، ناهيك عن التصعيد في المهرة حيث تخطط الرياض لجعلها منفذها على بحر العرب وتعارض عمان الوجود السعودي بشدة قرب حدودها.
التمدد البريطاني لم يقتصر على اليمن أو حتى عمان بقدر ما توسعت علاقاته مؤخراً إلى قطر والكويت اللذان يعانيا من التغول السعودي الإماراتي بفعل الأزمة الخليجية والحدود النفطية، وهو ما يعكس توجه جديد لبريطانيا نحو التوغل في عمق الجزيرة العربية الثرية بالنفط بعد أن فقدت مصالحها غربا..
بريطانيا التي كانت حتى وقت قريب جزءاً من غرفة عملية تحالف الحرب على اليمن، باتت تتقمص دور المحايد، والهدف كما تشير المعطيات على الأرض هو إخراج التحالف من اللعبة، غير أن الأخير الذي بات بلا حول ولا قوة وقد تداعت عليه الدول الكبرى، حلفائه قبل خصومه، لم يجد سوى محاولة اللعب على أوتار قد مزّقها القِدَم، ولكي لا تتسع شعبية الانفصاليين التواقين لبريطانيا، أعاد التحالف هادي إلى الواجهة بعد أن كان نفاه إلى الولايات المتحدة، وسمحت الإمارات لأول مرة باستقرار حكومته في عدن، وقبلها سحبت كافة المعدات العسكرية من الفصائل الانفصالية الموالية لها ووزعت عناصر تلك الفصائل على ألوية هادي التي لطالما نظرت لها أبوظبي كخصم وطاردتها بكافة أنواع الأسلحة داخل عدن وخارجها، ناهيك عن استعانة السعودية بالسفير الأمريكي لفرض واقع في المناطق الشرقية بإقليم حضرموت يختلف تماماً مع رؤية بريطانيا الساعية لتحقيق حلم الانفصاليين بدولة كاملة تمتد من المهرة إلى باب المندب، لكن تلك الإجراءات لم تكن كافية لمقارعة المملكة المتحدة وقد كشرت عن أنيابها، ولهذا عزز التحالف مؤخراً علاقته بروسيا الخصم التاريخي لبريطانيا، ولم تكتفِ مغازلة التحالف للدب الروسي عند مصافحة بن سلمان والرئيس بوتين على هامش اجتماع مجموعة العشرين أو حتى توقيع الإمارات استراتيجية شاملة مع موسكو مؤخراً، بل إن مؤشرات احتمال تدخل روسي جنوب اليمن تضاعفت مؤخراً وقد أرسلت موسكو بوارج حربية لتعزيز أسطولها في خليج عدن وأجرت خلال الفترة الماضية تدريبات عسكرية قرب السواحل الجنوبية لليمن استمرت لأسابيع.
المقالات الاقدم:
- تعرف على مجموعة اليمن في كأس آسيا 2019 بدولة الإمارات - 2018/12/17
- اليمن يتأهل إلى كأس آسيا 2019 لأول مرة في تاريخه - 2018/12/17
- إلغاء مباراة فلسطين واليمن - 2018/12/17
- المبعوث الأممي ينشر النص الكامل لاتفاق تبادل الأسرى والمعتقلين في اليمن - 2018/12/17
- إيران تكشف عن مفاوضاتها مع الاتحاد الأوروبي لوقف الحرب في اليمن - 2018/12/17
أحدث المقالات - من جميع الأقسام:
- صنعاء .. الإعلان عن بدء صرف نصف مرتب شهر مارس - 2025/05/10
- مظاهرة نسائية في عدن تنديدا بتردي الخدمات وانقطاع الكهرباء - 2025/05/10
- عدد الشهداء في غزة يقترب من 53 ألف شهيد - 2025/05/10
- السلاح الصيني يفاجئ العالم ويتفوق على السلاح الغربي - 2025/05/10
- باكستان والهند تتفقان على وقف إطلاق النار بوساطة دولية - 2025/05/10
مقالات متفرقة:
- أسد صنعاء: مياهنا الإقليمية بحاجة إلى إغراق 46 ألف سفينة لإعادة الشُعب المرجانية - 2024/03/03
- منظمة أممية تحذر من خطر يهدد ملايين الأطفال في اليمن - 2020/11/23
- حزب الله يواصل إطلاق الصواريخ باتجاه العمق الإسرائيلي - 2024/10/05
- تبادل 372 أسيرًا بين روسيا وأوكرانيا.. ومكالمة هاتفية بين ترامب وزيلنسكي - 2025/03/19
- أبراج الكويت تضيء بالعلم اليمني احتفالاً بذكرى الوحدة - 2022/05/22
المقالات الأكثر قراءة:
- منظمة الصحة العالمية : 10 آلاف قتيل و60 ألف جريح حصيلة حرب اليمن - 2018/12/10 - قرأ 127133 مرُة
- اليمن .. معركة جديدة بين قوات هادي والحراك الجنوبي في شبوة - 2019/01/09 - قرأ 26819 مرُة
- غريفيث لمجلس الأمن: هناك تقدماً في تنفيذ اتفاق استوكهولم رغم الصعوبات - 2019/01/09 - قرأ 26114 مرُة
- تبادل عشرات الأسرى بين إحدى فصائل المقاومة اليمنية والحوثيين في تعز - 2016/06/01 - قرأ 20500 مرُة
- المغرب يكشف عن "تغير"مشاركته في التحالف - 2019/01/24 - قرأ 17788 مرُة