drawas

454x140

دبلوماسية عُمان المثمرة في اليمن

مأرب الوردنجحت الدبلوماسية العُمانية مرة أخرى في إحداث اختراق ملموس بملف الأسرى والمعتقلين في اليمن، والذي يمثّل أولوية لطرفي الصراع في أي جولة محادثات ترعاها الأمم المتحدة لإنهاء الحرب المستمرة منذ أربعة أعوام.

وتمثّل ذلك في إقناع الحوثيين بالسماح للواء ناصر منصور -شقيق الرئيس اليمني- بالتواصل مع أسرته للمرة الأولى منذ وقوعه في الأسر قبل أربعة أعوام، وكان ذلك أول دليل على أن الرجل لا يزال على قيد الحياة بعد شائعات تصفيته.

ومع أن هذا التواصل حق طبيعي له -بوصفه أسيراً- تكفله القوانين اليمنية والدولية، مثلما تضمن له الحقوق الأساسية الأخرى كالسماح لأسرته بزيارته وضمان حصوله على الرعاية الصحية، فإن الحوثيين حرموه من كل ذلك جزءاً من تعاملهم السائد مع المختطفين والأسرى. ولهذا السبب، فإن خطوة مسقط مقدّرة ومصدر أمل.

ومن هنا، تأتي أهمية دورها وسيطاً مؤثراً على أحد أطراف الصراع، وهو الحوثي، بحكم العلاقة الجيدة التي تساعد في إحراز تقدّم في ملف إنساني كالمعتقلين والأسرى فشل فيه المبعوث الأممي السابق والحالي رغم المحاولات وجولات التفاوض.

وكانت الجهود العمانية قد أثمرت في الاتفاق مع الحوثيين عن تمكين وزير الدفاع الأسير محمود الصبيحي من التواصل مع عائلته لأول مرة، بعد فترة قصيرة على اتفاق مماثل قضى بالإفراج عن نجلي صالح وأقاربهما ليلتحقوا بعوائلهم التي خرجت من صنعاء بوساطة عُمانية أيضاً.

وتحاول السلطنة إيلاء الملف الإنساني اهتماماً يستحقه؛ لتأثيره الاجتماعي وأهميته بوصفه جزءاً من خطوات بناء الثقة بين جميع الأطراف قبل الجلوس على طاولة المشاورات.

ويأمل الكثيرون أن تشمل هذه المساعي جميع المختطفين، بمن فيهم السياسي والمناضل الوطني محمد قحطان، الذي كان يحاور الحوثيين مع آخرين في صنعاء لتجنيب البلد المصير الذي انتهى إليه، وسيكون خروج هؤلاء مؤشراً على وجود ضوء في نهاية النفق.

وقد أوضح يوسف بن علوي -الوزير المسؤول عن الشؤون الخارجية- أن هذه الجهود ستستمر حتى استعادة الاستقرار في اليمن الجار، وهذا يشمل أيضاً فتح المنافذ البرية لتمكين اليمنيين من المغادرة أو العودة وتقديم المساعدات.

ومن المهم التذكير بأن الدور العُماني مساعد وليس وسيطاً، كما أكد على ذلك مراراً ابن علوي، الذي قال في أكثر من مناسبة إن بلاده تدعم المبعوث الأممي الذي يقود الوساطة، وتنطلق في تحركاتها من رغبة الأطراف المعنية، فضلاً عن علاقة الجوار والأخوة التي تربطها باليمن.

ولذلك، فإن هذا الدور لا يُفترض أن يثير هواجس أي طرف مع العلاقة الجيدة التي تربط مسقط بالشرعية والحوثيين والسعودية وإيران والدول المعنية بالتسوية في اليمن، بما في ذلك اللجنة الرباعية التي تضم الرياض وأبوظبي وواشنطن ولندن، والتي شاركت عُمان في بعض اجتماعاتها.

وبهذا، تكون عُمان مؤهلة أكثر من غيرها للمساهمة الإيجابية في حل أزمة اليمن بحكم العلاقة الجيدة، ويبقى الدور الأكبر والأول بيد التحالف وإيران والدول الكبرى التي تمتلك أدوات الضغط والتأثير.

ويتعين على المبعوث الأممي التحضير جيداً لجولة المشاورات المقبلة المقرر عقدها في السويد نهاية العام الجاري، ومن ذلك إشراك عُمان في الأمور التي يحتاج مساعدتها فيها، وهي قادرة على القيام بذلك.;

كاريكاتير