بات من الواضح أن مؤتمر الحوار الوطني الشامل سيتمخض عن حبر على ورق خلافاً لتفاؤلنا خلال الأشهر الماضية رغم تحذيرنا المتواصل قبل المؤتمر وخلاله لأهمية وضرورة تهيئة الأجواء السياسية قبل تدشينه أو خلاله لإظهار حسن نوايا الأطراف السياسية الأساسية المنفلتة، وحرصا منا لإنجاحه من خلال تنفيذ النقاط العشرين التي تقدمت بها بعض المكونات السياسية.
وكون البعض قد تصور بأن لديه القدرة على فرض أجنداته على الجميع بكل أنواع الترغيب والترهيب دون إجراء التهيئة اللازمة بحسب ضرورات الواقع اليمني المعقد، واستغلال الأحداث الدموية السابقة للمؤتمر بمعاقبة المجرمين وليس مكافئتهم، فقد جانبت هذا البعض القراءات الصحيحة وارتكب أخطاءً جسيمة في مفاقمة الحالة الكارثية على الساحة اليمنية.
ورغم وضوح الرؤية أعلاه ما يزال البعض يردد ويكرر أهمية المسار السياسي (التياسي) الذي اختارته (المعارضة) من خلال تدويل القضية اليمنية وتبنيها المشروع اللاوطني المتمثل باحتضان المبادرة الخليجية التي يدعون بأنها أنقذت اليمن من حروب ساحقة ماحقة لتبرير تسليم اليمن للوصاية الدولية. ويصطف معهم في هذا المنحى بطريقة عفوية وعاطفية نفرٌ من الذين اعتبر بعضهم من الكتّاب والسياسيين وتربطني ببعضهم صداقة حميمة، يذهب إلى الاعتقاد بأن ثورات الربيع العربي كانت كلها وجلها نتاج مؤامرات خارجية. وهذا الاعتقاد مع الأسف ربما ينسحب على كل المحاولات الثورية العربية السابقة والحاضرة والمستقبلية وحركات المقاومة العربية الفعلية على أرض الواقع الذي قد يصيب الجميع باليأس والإحباط إزاء أي آمال أو محاولات قادمة باتجاه التغيير بطريقة ما يسمى سيكلوجياً (إستدخال الهزيمة).
والسؤال الغير عقلاني الذي يريد أن يمرره البعض منذ بداية تنفيذ المؤامرة وحتى بعد فوات الأوان وكنوع من التحدي هو: هل كان هناك أي خيار آخر غير المسار (التياسي) وتوجه البلاد نحو الحرب الوهمية؟ هذا هو الوهم الذي بنى عليه أصحاب هذه النظرية مسارهم التياسي؟.. الإجابة هي نعم وقد قلنا لهم ألف مرة بأنه كان من المفترض على كل القوى الوطنية والأحزاب التي ادعت بأنها قوى معارضة للسلطة أن تقف مع ثورة الربيع العربي والدفع بها إلى الإطاحة بالأنظمة الساقطة وصناعة التغيير على أنقاضها، ولكنها عوضاً عن ذلك ألتفت على الثورة وقفزت على موجاتها ومزقتها بينما حاول بعضها اقتسام الكعكة مع الأنظمة السابقة في أحسن الأحوال كما هي الحالة في يمننا الحبيب الذي رضخ معظم شعبه رغم كل شئ ، لهذا الخيار (التياسي) على الرغم من كل مثالبه ومساوئه وفضائحه، ومع ذلك لم ينجح هؤلاء الخاطفون لأنهم اختلفوا على المحاصصة وتقسيم الكعكة. وهذا يدل على أن (القوى الوطنية)، القيادة المفترضة للثورة التي خانت الثورة وحولت المسار الثوري إلى مسار تياسي هي في الواقع لم تكن قوى وطنية حقيقية بل مجموعات من المرتزقة والمرتهنة للخارج، والتي كنا نطالب برحيلهم جميعاً حتى يستطيع اليمن أن يقرر مصيره.
وبما أن الثورة قد فشلت بسبب هؤلاء، وبما أن رحيلهم جميعاً قد فشل أيضاً، فلا بد (لمساره التياسي) أن يكون من باب أولى وبالنتيجة المنطقية أن يفشل هو الآخر. لكن بما أن المجتمع الدولي والإقليمي هو الراعي لهذا المسار التياسي، لذا لا بد من تقديم كبش فداء ضخم يستطيع أن يتحمل على عاتقه هذا الفشل التياسي. وهنا تأتي الوحدة اليمنية
لتكون القربان الإقليمي الدولي الذي يُسفك دمها سفاحاً على ضريح (مؤتمر الحوار الوطني الشامل) إنقاذاً ودفاعاً عن كل الانتهازيين والمجرمين والقتلة المحليين الذين أشتركوا بالمؤامرة، وكأن نظام (الفدرة) الفدرالية المزمع إقرارها هي العلاج الناجع التي ستنقذ اليمن من "كارثة الوحدة" بينما الوحدة في المقابل كانت هي السبب في كل ما وصل إليه اليمن من كوارث التي ينبغي القضاء عليها بموافقة ومباركة محلية وإقليمية ودولية حتى لا يقال في المستقبل بأن الاستعمار هو من قام بتقسيم المقسم وتجزيء المجزأ كما قيل على سايكس وبيكو من قبل، بل أن التاريخ سيقوم بتبرئة اتفاقيات سايكس بيكو ويحكم عليها بأنها كانت مشرفة جداً مقارنة بما يتم من تشظية المشظى الآن. يالها من سفالة.
المقالات الاقدم:
- دراسة: غرف الدردشة على الإنترنت قد تساعد في التغلب على الاكتئاب - 2013/10/31
- • الحوار.. حوار العافية - 2013/10/31
- دراسة: غرف الدردشة على الإنترنت قد تساعد في التغلب على الاكتئاب - 2013/10/31
- دراسة: غرف الدردشة على الإنترنت قد تساعد في التغلب على الاكتئاب - 2013/10/31
- دراسة: غرف الدردشة على الإنترنت قد تساعد في التغلب على الاكتئاب - 2013/10/31
أحدث المقالات - من جميع الأقسام:
مقالات متفرقة:
المقالات الأكثر قراءة:
- منظمة الصحة العالمية : 10 آلاف قتيل و60 ألف جريح حصيلة حرب اليمن - 2018/12/10 - قرأ 127132 مرُة
- اليمن .. معركة جديدة بين قوات هادي والحراك الجنوبي في شبوة - 2019/01/09 - قرأ 26819 مرُة
- غريفيث لمجلس الأمن: هناك تقدماً في تنفيذ اتفاق استوكهولم رغم الصعوبات - 2019/01/09 - قرأ 26114 مرُة
- تبادل عشرات الأسرى بين إحدى فصائل المقاومة اليمنية والحوثيين في تعز - 2016/06/01 - قرأ 20500 مرُة
- المغرب يكشف عن "تغير"مشاركته في التحالف - 2019/01/24 - قرأ 17788 مرُة