drawas

454x140

هل ينجح الحوثيون في فرض رؤيتهم للحل ابتداء من الحديدة؟

g42اليقين أونلاين - تقرير خاص

يبدو أن المجتمع الدولي يكتب الفصل الأخير لقصة الحديدة، تلك المدينة الواقعة على الساحل الغربي لليمن، والتي تعد مفصلاً في الأزمة الممتدة لأكثر من 4 سنوات.

الضغوط تتزايد على الأطراف اليمنية.. البوارج الأمريكية تتدفق تباعاً على المنطقة.. والولايات المتحدة ترفع وتيرة التحذيرات من هجمات محتملة في باب المندب وخليج عدن، ونائب مساعد وزير خارجيتها يعلن صراحة فشل أهداف التحالف في اليمن في إشارة للتحالف لوقف التصعيد.

في حين تكثف الدوائر الدولية من دبلوماسية الأيام الأخيرة لإقناع الأطراف بالقبول بالحل مع اقتراب انتهاء الموعد الذي حددته الرباعية الدولية لتنفيذ اتفاق السويد في المدينة وينتهي في 15 مايو الجاري.

بالنسبة للحوثيين الذين أعلنوا بدء إعادة الانتشار في موانئ المدينة الثلاثة وبإشراف 3 فرق أممية، كما صرح بذلك ناطق الجماعة محمد عبدالسلام، كل الحلول تصب في صالحهم.

خطة المبعوث الأممي مارتن غريفيث والتي قال عنها رئيس وفد هادي في اللجنة المشتركة، صغير عزيز، بأنها تعطي السلطة التابعة لصنعاء مستقبل إدارة المحافظة.

عملية إعادة الانتشار التي تضمن لقوات صنعاء البقاء هنا ولو بلباس خفر السواحل، وانسحاب قوات هادي عدة كيلومترات من مشارف المدينة سيتيح للجماعة التحرك بأريحية.

وفوق كل هذا يتوقع مراقبون بأن يفرض المجتمع الدولي على التحالف ضمان تدفق المواد الغذائية والمشتقات النفطية التي ظلت صنعاء تعاني من شحتها بفعل القيود الذي يفرضه التحالف على أهم ميناء في اليمن يمد أكثر من 70% من السكان بالمواد الأساسية، بحسب ما ذكرته تقارير دولية، إضافة إلى نقل الفريق الأممي لتفتيش السفن من جيبوتي إلى ميناء الحديدة.

لم تعد الحديدة تشكل خطرا بالنسبة لصنعاء، فالقبول بخطة المبعوث الأممي التي ترهن إعادة الانتشار من الموانئ بانسحاب قوات هادي من أطراف المدينة، سمح للجماعة بالتفرغ لمعارك أخرى، وقد نجحت فعلا في إخماد "حجور" وتتقدم حاليا بخطى ثابتة صوب مدينة عدن بعد تحقيقها انتصارات كبيرة في الضالع، وكل هذا كما يرى هاني علي سالم البيض، يعود لفضل طمأنة الجماعة في الحديدة من قبل المجتمع الدولي وحكومة هادي.

وخلافا للحوثيين الذين نجحوا أخيرا في تطبيق رؤيتهم للحل في المدينة التي خاضت العام الماضي أعنف المعارك، وتمكنت الأمم المتحدة من إبرام اتفاق لوقف القتال مع وصول المعارك إلى أحيائها نهاية ديسمبر الماضي بتنسيق جولة مفاوضات للأطراف اليمنية في ضواحي العاصمة السويدية ،ستوكهولم، تبدو الشرعية "حائرة" يتقاذف مسؤوليها التصريحات الناجمة عن قلة إدراك بما يجري.

الوفد الحكومي في لجنة التهدئة، الذي قرر رئيس البعثة الدولية الاجتماع بأعضائه في عدن، طلب مهلة جديدة للتشاور.

وزير الإعلام يتحدث عن مسرحية بينما وزير الخارجية يؤكد تمسك حكومته بتنفيذ الاتفاق.

فعليا، العد التنازلي للاتفاق قيد التنفيذ وباعتراف المبعوث الأممي مارتن غريفيث الذي غرد على تويتر مرحبا ببدء تنفيذ الاتفاق من قبل الحوثيين، وإن بدا هذا الاتفاق محاولة أخرى لتكرار سيناريو الانسحاب من ميناء الحديدة الذي أعلنته الجماعة قبل أشهر أو محاولة غريفيث لإجراء انسحاب صوري قبيل جلسة مجلس الأمن المرتقبة منتصف الشهر الجاري، كما يرى محللو الشرعية، لكنه بالنسبة لصنعاء فإن قواتها كما يقول محمد عبدالسلام نفذت الاتفاق من جانب واحد، ولم يتبقى سوى أن يتحمل مجلس الأمن والأمم المتحدة مسئوليتهما في دفع الطرف الآخر على تنفيذ الجانب الآخر من الاتفاق.

الانقسام داخل الشرعية كبير جدا بشأن الاتفاق؛ فثمة أطراف ترى بأن اتفاق الحديدة جزئي وغير مقبول كما قال ياسين سعيد نعمان، سفير هادي في لندن، ومثله مستشار هادي عن الحزب الناصري عبدالملك المخلافي الذي قلل من أهمية الاتفاق مع الحوثيين، لكن وبغض النظر عن مواقف هذه التكتلات الصغيرة التي تبحث عن بقعة في دوري الكبار، ثمة آراء أخرى من داخل الشرعية نفسها ترى بأن هادي قرر المغامرة بتسليم الحديدة للحوثيين انتقاما من طارق صالح الذي كانت قواته قد وصلت مشارف المدينة ويطمح للعودة بالعائلة إلى بوابة السلطة.

بين مكاسب وخسارة الأطراف المحلية، يظهر التحالف كالأطرش في الزفة، فالإمارات التي دعمت طارق صالح للتقدم صوب الحديدة باتت ترى بأن العملية الجارية جيدة على طريق تحقيق السلام، كما قالت وزيرة الدولة للشؤون التنموية، أما السعودية التي باتت تتعرض لضغوط كبرى ليس آخرها مغادرة سفينتها ميناء هارفر في فرنسا دون شحن صفقة أسلحة جديدة بفعل الاحتجاجات، لا تزال غير مقتنعة بالحل رغم حديث نائب وزير الدفاع خلال لقاء جمعه بالمبعوث الأممي مؤخراً دعم بلاده لجهود السلام، فصحيفة الرياض، كبرى الصحف الرسمية، قللت في كلمتها الافتتاحية لعدد السبت من الضغوط الدولية، وقالت إنها غير كافية للوصول إلى حل للحرب التي تقودها الرياض منذ العام 2015، وقبل هذا كان رئيس دائرة العلاقات الخارجية بمجلس الشورى السعودي تنبأ باستمرار الحرب في اليمن، وجميعها مؤشرات على أن السعودية التي باتت تبحث عن مكاسب في المهرة، غير راضية بالحل، وهي التي أنفقت المليارات في سبيل أجندة خاصة وصعبة التحقق إن لم تكن مستحيلة.

غير أن إعادة استئناف نشاط مطار نجران الحدودي بعد ثلاث سنوات من التوقف، يشير إلى وجود تفاهمات سرية بين السعودية والحوثيين.

بين اختيار رئيس البعثة الدولية مايكل لوليسغارد عدن كمقر لاجتماعه بأعضاء وفد حكومة هادي، وإعلان الحوثيين البدء بإعادة الانتشار من طرف واحد، العديد من الدلالات وليس أولها غسل يد هادي منها، لكن تبقى التساؤلات التي عبر عنها عدد من المهتمين، وأهمها:

هل سيتمكن المجتمع الدولي من إجبار التحالف على تنفيذ اتفاق السويد المتعثر للشهر السادس على التوالي؟

وهل سينجح الحوثيون في فرض رؤيتهم للحل السياسي في البلاد ابتداء من الحديدة؟

كاريكاتير